الخميس، ١١ تشرين الثاني ٢٠١٠

بصراحة أكثر بقلم: باسم الطويسي


اليوم التالي على انتخابات مجلس النواب هو الهاجس الحقيقي والتحدي المنتظر الذي يحتاج المزيد من الصراحة، والاعتراف بالحقائق والتعامل مع ما هو على الارض وليس مع التوقعات المفرطة بالامنيات والمدارة، فالأوطان لا تعلق بين السماء والأرض.

جرت الانتخابات بالحد الأدنى من التجاوزات وانتزعت الدولة وسلطتها التنفيذية شرعية النزاهة هذه المرة في حدود مسؤولياتها، كما تجاوزت نسبة المشاركة الحد المتوقع في ظروف هذه الانتخابات، ولكن هذا لا يكفي، ولا يشكل الحد المطلوب للبدء باستئناف اصلاح سياسي هادئ، ولا لتوفير حصانة سياسية داخلية ضد التحولات المتوقعة في الصراعات الاقليمية، ولا يكفي حتى لاستعادة المؤسسة البرلمانية لبعض هيبتها ومكانتها التي اهتزت كثيرا جراء ما حدث في انتخابات 2007 وما تبعها من سلوك المجلس الذي أفرزته.



بصراحة اكثر، لا تبدو ملامح النخبة البرلمانية القادمة مبشرة، وفيما كانت مبررات اجراء انتخابات مبكرة، بعد حل المجلس السابق، تكاد تنحصر في هذه النقطة بالتحديد، ما يبرز علامة استفهام كبيرة، النخبة البرلمانية الجديدة هي نتاج ظروف غير طبيعية ولا تمثل موارد المجتمع الاردني البشرية، فالخبرات السياسية والاجتماعية التي شهدها المجتمع خلال الخمس سنوات الماضية جعلت نخبا واسعة وعلى المستوى الفردي تتجه نحو الانسحاب والإحجام ما حرم المؤسسة البرلمانية من عملية تجديد دماء صحية.

بصراحة اكثر، تتحمل الدولة بسلطاتها الثلاث مسؤولية تراجع مستوى نخب الدولة وتراجع الثقة والمكانة والهيبة، وجميعها مفاهيم شعبية محلية تصب في معيار واحد هو كفاءة النخب، كما هو الحال بالنخب التي يفرزها المجتمع ويصعدها لمؤسسات الدولة، ونموذجها المجلس النيابي الجديد، وهي نتاج طبيعي للاختلالات السابقة، ما يطرح الحاجة الى تدخل جريء في إنقاذ المؤسسات الدستورية وتعويض أي ضعف قد يدب في بعضها. وهناك وسائل عديدة أهمها أن تتخلص المؤسسة الحكومية من هواجسها وحساباتها التقليدية.

مدرسة الواقعية السياسية المحلية أصبحت عبئا على الدولة والمجتمع، واذا ما أفادت الدولة في مراحل سابقة، فإنها اليوم تقود البلاد نحو المزيد من التقهقر، وهي المدرسة التي بقيت إلى وقت طويل تدير ملفات السياسة المحلية على أساس الانتظار والترقب، وعدم الجسارة على إحداث تحولات إصلاحية داخلية جادة، حتى أفلست الكثير من الارصدة الشعبية للدولة ومؤسساتها.

الحالة الأردنية في استرخاء المؤسسات والنخب، واحدة من الحالات المرضية المرتبطة بأزمات التحديث، وعادة ما تمر بها المجتمعات في هذه المرحلة، واذا ما تم تشخيصها ومحاصرتها فإن نتائجها وخيمة. في المقابل تبدو النعمة الاجتماعية التي يمتلكها المجتمع ولا يتمتع بها إلا حينما تدخل في سياق التنظيم الاجتماعي الكبير، هي الفرصة الحقيقية لمواجهة هذه الحالة. والنعمة الاجتماعية متمثلة بالقوى الجديدة بكل ما تملكه من معرفة وطاقة متجددة ومهارات مع خبرات النخب الأخرى في عجينة اجتماعية وسياسية تلتقي حول أهداف كبرى تتحول بفعل الإنجاز والزمن والتراكم إلى مسلمات وطنية، أهم مخرجاتها ما نسميه كفاءة الدولة الوطنية، وهذا ما يحتاج ان ندير حوله مناقشة وطنية جريئة في مرحلة ما بعد الانتخابات.

بقلم: باسم الطويسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق