الجمعة، ٥ تشرين الثاني ٢٠١٠

انتخابات نصفية عادية بقلم: د. محمد حسين المومني

انتخابات نصفية صعبة تلك التي خاضها حزب الرئيس الأميركي رغم أن نتائجها أتت متوقعة في أن الحزب المنافس (الجمهوري) حقق تقدما ملموسا وسيطر على مجلس النواب الأميركي، المعني الأهم بالموازنة والإنفاق، رغم استمرار احتفاط الديمقراطيين بمجلس الشيوخ.

ما حدث في الانتخابات الأميركية بات تقليدا في معظم الديمقراطيات التي تتبنى مبدأ الفصل بين السلطات في أن يقوم جمهور الناخبين بانتخاب الحزب المنافس للحزب الحاكم أو المسيطر على السلطة التنفيذية ليكون هناك توزيع لسيطرة الأحزاب بين السلطة التنفيذية والتشريعية.

الظاهرة التي طالما حيرّت خبراء الانتخابات وذهب البعض منهم لوصفها بإنها شزفرينيا سياسية، تدلل على درجة نضج سياسي في المجتمعات الديمقراطية، دلالاتها قناعة أغلبية الناخبين انهم وبالرغم من ثقتهم ورغبتهم بتحقيق البرنامج الذي نجح على أساسه رئيس السلطة التنفيذية في البلاد، إلا أنهم ما يزالون يريدون درجة من المراقبة والمحاسبة لهذا البرنامج. قلة هي المرات التي تم انتخاب نفس الحزب للكونغرس والبيت الابيض معا والقاعدة كانت دوما ان الانتخابات فرصة لتوزيع القوة السياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

القضية الاهم في هذه الانتخابات التي جرت لكل اعضاء مجلس النواب وثلث اعضاء مجلس الشيوخ كانت الاقتصاد كما هي العادة. اوباما ومن اطار جهده في ادارة الملف الاقتصادي بدا وحزبه ضعيفا حيث ان البطالة لا تزال تراوح حول العشرة بالمائة والازمة الاقتصادية بكافة ابعادها لا تزال بعيدة عن الانفراج، بل ان اوباما وفي اطار تداعيات هذا الملف الانتخابية تعرض لانتقادات حادة من قاعدته الانتخابية - التي تكره تقليديا الشركات الكبرى - بسبب انفاقه الكبير على هذه الشركات والبنوك المتعثرة بغية انقاذها، والجمهوريون اضافوا لهذا النقد بسبب عدم موافقتهم على الطريقة التي تمت بها عملية الانقاذ رغم انهم تقليديا داعمون للشركات الكبرى.

المهم لنا نحن في الشرق الاوسط ان القضايا التي تؤرقنا لم تكن جزءا من الحملات الانتخابية الاميركية، وقد احتفظ حزب اوباما بنفس درجة الدعم من قبل بعض مكونات المجتمع الاميركي، بما في ذلك الاميركيون اليهود ولم تؤثر سياساته تجاه القضية الفلسطينية او طريقة تعامله مع اسرائيل على التأييد القوي من قبل الاميركيين اليهود للحزب الديمقراطي رغم ان عددا مقدرا من النخبة السياسية الاميركية تستمر بانتقاد اسلوب تعامل اوباما مع الصراع العربي الاسرائيلي وتصفه بعدم امتلاك استراتيجية حقيقية لادارة هذا الملف، وانه أقدم على عدة استدارات تكتيكية أضرّت بقدرته في التعامل مع هذا الصراع وجعلت سياساته تبدو غير مستدامة.

في المحصلة، تبدو محاولات اوباما لتقليل أثر عدم النجاح في التعامل مع الصراع العربي- الاسرائيلي على الانتخابات قد نجحت، والأرجح أنه سيستمر بتبني نفس الأسلوب كلما اقتربنا من الانتخابات الرئاسية المقبلة.

بقلم: د. محمد حسين المومني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق