الجمعة، ٥ تشرين الثاني ٢٠١٠

الانتخابات النيابية والمجتمع المدني بقلم: د. حسين محادين

في التعريف الأحدث لمنظمات المجتمع المدني من قبل"سيفيكوس": التحالف العالمي من أجل مشاركة المواطن بأنها "ساحة تقع خارج الأسرة أو الدولة والسوق تتيح الفرص الفردية والجماعية الأكثر فعالية أكثر من أي شيء آخر". كما نشرت أثناء انعقاد الورشة الوطنية التي أقامها مركز الأردن الجديد بعنوان "المجتمع المدني الأردني المعاصر؛ الخصائص والقضايا" السبت 23/10 في عمان.

ليس سهلا الحكم على درجة نجاح مؤسسات مدنية في المجتمع الأردني بالتأثير الواقعي مثلا على مسار الانتخابات النيابية منذ انطلاقتها وحتى الآن مقارنة بالمؤسسات التقليدية كالعشيرة أو الجهوية المناطقية، وذلك لعدة عوامل مكثفة منها:-

- مفهوم وتصنيف هذه المؤسسات أردنيا ما يزال خلافي الملامح والأدوار سواء المعاش منها أو حتى المرتجى، خصوصا أن هذا العنوان "مؤسسات/ منظمات المجتمع المدني" ما يزال من دون دراسة بنيوية وعلمية عميقة ونتائج معلنة مثلما هو شبه غائب عن أجندة الجامعات وأساتذتها.

لا نستطع علميا إنكار أن هذه المؤسسات "المدنية" قد ظهرت وبقوة في مجتمعنا العربي المسلم والمتحول نحو آليات السوق كواحدة من مصاحبات العولمات المختلفة؛ لاسيما الاجتماعية/ السياسية من جهة، ومن جهة ثانية بأنها قامت على إنقاذ بقايا ما تبقى من قيم العمل التاريخية في المؤسسات التطوعية الخيرية. لعل من الدقة التذكير هنا بأن من أساسيات النهوض في منظمات المجتمع المدني أن تكون مدخلات وأهداف هذه المنظمات غير دينية ولا حكومية الحضور وقائمة على أنها مفتوحة أمام جميع أبناء المجتمع الذين تجمعهم المصالح المختلفة العناوين من دون اهتمام بخلفية أو معتقد أي من أعضائها، في الوقت الذي تستلزم فيه أن يكون الإيمان بفكرة ومنطلقات المنظمة هو المعيار الأساس لنشوء واستمرار نماء المنظمة.

مبرر قيام هذه المؤسسات هو الاعتماد على الذاتي تخطيطا وتمويلا ومراقبة، فجاء التمويل الأجنبي من خارج ميزانية الدولة ليغطي هذا الفراغ المالي والفكري النازع نحو التماهي عمليا مع النموذج الغربي المعولم، بمنأى عن الرقابة الحكومية التي بدأت بالتخلي عن أدوارها بعد الشروع بالخصخصة، وإعادة تأهيل النظام الاجتماعي وفقا لأهدافها الأيديولوجية. نحن، إذن، أمام استحقاقات عولمية طابعها الظاهر الدعوة للمدنية وباطنها الانعتاق من الخصوصيات الثقافية والسلوكية وحصرها بإطار محدود ديمغرافيا؛ جغرافيا وسكانيا مرة تحت عنوان حقوق الإنسان الانتقائية التطبيق في العالم من قبل سدنة العولمة، وأخرى تحت ذريعة حق الاثنيات أو الثقافات الفرعية في الظهور والاستقلال السياسي/ الاقتصادي عمليا، وان تأخر إعلان انفصالها عن المجتمعات الأم رسميا ودوليا، وما الذي جرى في شمال العراق أو في جنوب السودان..الخ، عنا ببعيد.

هذه دعوة لبلورة علمية لمضامين وأهداف منظمات المجتمع المدني، دون أن ننسى القول مجددا بأن الانتخابات النيابية ونتائجها اللاحقة ستجيب ولو جزئيا عن فاعلية هذه المنظمات التي أخذت بالظهور وبدعم غربي واضح منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي تقريبا.

ويجب ألا ننسى طرح السؤال المصاحب، أين تلتقي أو تختلف مضامين العمل والرسالة الإنسانية لكل من؛ منظمات المجتمع المدني والعمل الخيري في مجتمع أردني عربي مسلم عرف بتكافل أنظمته ومؤسساته وقيمه الجماعية المجتمعية بدءا من الأسرة وليس انتهاء في المجتمع؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق