السبت، ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٠

قراءة نفسية للدعاية الانتخابية بقلم: د.طارق عبد القادر المجالي

للدعاية الانتخابية ،كما لغيرها من المواد الإعلانية والتجارية المراد عرضها أهداف وغايات تريد أن تروج لها إما لزيادة الإقبال عليها ، أو إظهارها بوسائل جمالية وفنية تقنع الجهة المستهدفة لها ،وهذا لا يعني أنه كلما زادت كلفة الدعاية كان لها الرضا والقبول والتأثير لدى المشاهدين ،فكم من سلع تجارية ذات تكلفة متواضعة لفتت المشاهدين وأثارت إعجابهم أكثر من الدعايات المكلفة لبراعة عرضها واستثمار المساحة اللونية والمكانية والبساطة فيها .

إن الذي لفت نظري في هذا المنحى وسائل المرشحين الدعائية والإعلانية إن كان على مستوى اليافطة أو على مستوى الصورة والدعاية الإذاعية والتلفزيونية ، ومن خلال قراءة عشرات اليافطات ومتابعة طرق الترويج للمرشحين، لفت انتباهي أن موادهم الإعلانية التي أنشئوها ترتبط ارتباطا شديدا بحالاتهم النفسية ،وبمقدار الضغوط النفسية التي يتعرضون إليها في هذه الأسابيع و قبيل موعد الانتخابات ، ومن هذه الانطباعات المرتبطة بتحليل نفسيات المرشحين : -

حمل عدد من اليافطات مضامين شمولية فضفاضة ، والمضمون الشمولي الواسع بشير إلى مرشح غير مثقف وما زال يعيش في القرن الماضي عصر الشعارات التي يصعب تطبيقها على مستوى القطر الواحد ، ومن هذه الشعارات ما يتعلق بالدعوة إلى الوحدة الإسلامية أو العربية أو القضاء على البطالة والمحسوبية... - حمل عدد من اليافطات الانتحابية مضامين لدغدغة بعض فئات المجتمع كفئة الشباب أو طلبة الجامعات أو المعلمين والمزارعين أو الحرفيين ، ومن القراءة النفسية يظهر أن هذا المرشح يبحث عن مساندين من خارج عشيرته أو قاعدته الانتخابية ,وحتما سيركزالمرشح من هذه الفئات على الفئة التي تحقق له مثل هذا الهدف المنشود .

- حمل عدد من اليافطات كما كبيرا من الكلمات بحيث غطى الجانب الطباعي مساحة اليافطة كلها ، وهذا يشير إلى حالة المرشح المادية التي يحاول أن يستثمر كامل قطعة القماش للترويج ،دون أن يدري أن هذا الأسلوب إضافة إلى كونه غير مقنع ومريح للعين ،فإن له أثرا نفسيا سلبيا على المشاهد . - حمل عدد من اليافطات القماشية شعارات ملونة تختلط فيها الألوان المتنافرة ،فتصاب العين بعمى الألوان لبضع ثوان ،كاختلاط اللون الأرجواني بالأزرق الغامق أو بعض الألوان المتنافرة التي تسبب تلوثا جماليا للعين . - ظهرت بعض اليافطات مكتوبة عند هواة الخطاطين فلا اتساق بين أنواع الخطوط ولا استغلال جيد لمساحة اللوحة وهذا يدل على أن المرشح يقول في نفسه ( سويت اللي علي أي هو حدا قاري ورق ) كما أنه لا يؤمن بأثر الدعاية في جلب الأصوات .

- من أسوأ اليافطات على الإطلاق تلك التي تحمل شعارا غبيا أو ساخرا أو ساذجا أو مبتذلا لشيوعه أو منفرا ومقززا أو يحمل طعنا بمنافس له في دائرته .مثل الدعوة إلى مجانية التعليم أو حل مشكلة السكن والصحة والفقر ..وقرأت يافطة سيعمل المرشح على استخراج البترول في الأردن ! - لوحظ أن عددا من صور المرشحين تعلق على أسوار وجدران بعض المؤسسات ،الجامعات وهذا يدل على أن المرشح غير صادق في شعاراته ،ولا يعنيه سوى مصلحته ،وإن هذه التصرفات تعطي انطباعات سيئة عنه لأنه غير مكترث بالمصلحة العامة .

- ظهر أن عددا من المرشحين يتباهى بتعليق صوره وبأحجام كبيرة على الأبراج والأماكن العالية وأعمدة الكهرباء ولوحظ أن عددا منهم لا يقبل أن تعلق صورة مرشح آخر فوق صورته لارتباط نفسي بين علو الصورة وزيادة عدد الأصوات - وضع بعض الصور في أماكن لائقة وهذا يشير إلى أن المرشح يعتمد في حملته على شباب صغار في اختيار المكان غير المناسب للدعاية وأن المرشح غير منظم في حملته .

- ازدحام بعض الصور في أماكن معينة في المدينة أو البلدة والإصرار على هذا المكان يشير إلى أن المرشح يركز على أن يظهر أمام منافسيه قويا وأنه ند لهم ولا يختلف عنهم في شيء ما يعجبني في الدعاية الانتخابية أن يختار لها صاحبها عبارة واحدة أو شعار موحد لجميع يافطاته وبلون مميز يعرف من خلاله أينما شوهدت فيكون شعاره علامة تجارية مسجلة ،كما عليه أن يبحث عن المكان المناسب لعرضها فيه كاختيار المنعطفات الواسعة و الفضاءات المفتوحة للعين والخلفيات الطبيعية في الحدائق والملاعب ،والأماكن العامة ،وتجنب الكتابة على الجدران الحجرية بواسطة علب الألوان ( الرش) لصعوبة إزالتها ولغوغائية لجان هؤلاء المرشحين التي تعطي عنهم انطباعات سيئة ، وأن يختار لدقيقته التلفزيونية المجانية عبارات هادئة ومتزنة بعيدة عن الخطابية والبهرجة وأن لا تشتمل على عبارات طويلة أو جاهزة أو ما يعكر جماليات التلقي ثم الظهور بملابس بسيطة وأنيقة ،ويفضل ارتداء الألوان الغامقة؛ لأن اختيار الشعار الموجز الجميل المعبر وهذه التفصيلات الدقيقة هي السبيل إلى تحقيق الغاية من الدعاية الانتخابية ،على الرغم من أن كثيرا من المواطنين لا يؤمنون بها ،وخصوصا في المناطق ذات الصبغة العشائرية، ولكن أقول أرني أيها المرشح دعايتك الانتخابية أقل لك من أنت ، وصدق( بيفون) حين قال : ( الأسلوب هو الرجل ) .


بقلم: د.طارق عبد القادر المجالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق