الأحد، ٣١ تشرين الأول ٢٠١٠

أداء المديونية العامة في الأردن بقلم: د. تيسير الصمادي

أشرنا في مقال سابق إلى أن الأدبيات الاقتصادية لا تلتقي على نسبة معيارية يمكن استخدامها كمؤشر ريادي حول مدى قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين. فأزمة المديونية قد تحدث من دون مؤشرات إنذار مبكر، كما حدث مؤخراً في دبي وقبلها في كل من المكسيك والأرجنتين.

ورغم ذلك، فإنه يمكن تشبيه المديونية بالسمنة، حيث إن زيادتها من عام إلى آخر يؤشر على وجود خلل في هيكل الاقتصاد، كما هو الحال في جسد الإنسان، الأمر الذي يستدعي الحذر واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد مصدر الخلل ومعالجته لوقف زيادة الوزن، أو الدين، ومن ثم العمل على إنقاصه!

وقد استعرضنا في المقال المذكور عدداً من المؤشرات التي يجب النظر إليها عند تقييم مستوى قدرة الدولة على السداد. وعند تطبيقها على حالة الأردن للإجابة عن سؤال المقال الماضي، نجد أن العديد من المؤشرات تشير إلى أن مستوى الدين العام ما يزال في المنطقة الآمنة.

فمن ناحية العملات الأجنبية نجد الاحتياطات الرسمية تعادل حوالي 243 % من إجمالي الدين الخارجي! أما بالنسبة لآجال الاستحقاق وأسعار الفائدة فإن الدين الخارجي يعود إلى مؤسسات دولية وإقليمية ودول عربية وصديقة. وعادة ما يكون مثل هذا الدين ميسراً من حيث فترات السداد وأسعار الفائدة، ويمكن الجزم أن الأخيرة أقل بكثير من معدل النمو الاسمي للناتج المحلي في ضوء البيانات المتاحة!

وكذلك الحال بالنسبة للدين المحلي الذي لا تتجاوز أسعار الفائدة عليه ما نسبته 5 %، بل إن الجزء الأكبر منه يخضع لأسعار فائدة تقارب تلك الممنوحة على نافذة الإيداع! كما أن الحكومة لا تواجه مشكلة في آجال الاستحقاق! إذ إن الإطفاءات يمكن تغطيتها من خلال إصدارات جديدة، وما يترتب على الخزينة دفعه في هذه الحالة يتمثل فقط بالفوائد المترتبة على السندات والأذونات!

أما بالنسبة للوصول إلى الأسواق المالية الدولية، فمن الواضح أن الأردن لا يواجه مشكلة تذكر في هذا المجال. فقد تم مؤخراً إبرام العديد من اتفاقيات القروض مع عدد من مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية كالبنك الدولي، وصندوق النقد العربي، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.

وفيما يتعلق بالأداء المالي وحصافة الإدارة الحكومية، فمن الواضح أن هناك نقلة نوعية في هذا الإطار، حيث تمكنت الحكومة من تقليص العجز خلال الشهور السبعة الأولى من هذا العام بنسبة 55.7 % مقارنة بمستواه خلال ذات الفترة من العام السابق. كما بلغت نسبة الدين العام خلال الفترة المذكورة 6.3 %، وهي نسبة مقاربة لمعدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام الحالي. إضافة إلى ذلك فقد نمت الإيرادات الكلية بحوالي 6 % خلال الشهور السبعة من العام الحالي مقارنة بمستواها خلال ذات الفترة من عام 2009.

أخيراً، رغم ارتفاع الحجم المطلق للدين العام بمقدار 613 مليون دينار فقد تراجعت نسبته إلى الناتج المحلي من 60.4 % في شهر تموز من عام 2009 إلى 58 % في ذات الشهر من العام الحالي. ويعود ذلك بصورة رئيسية إلى الفرق الكبير في معدلات نمو الناتج المحلي خلال عامي 2008 و 2009.



بقلم: د. تيسير الصمادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق