الاثنين، ٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٠

الرقابة على المنح الأجنبية للقطاع العام بقلم: باسم الطويسي

رغم تراجع حجم تدفق المنح الدولية من البلدان المانحة خلال آخر ثلاثة أعوام إلى الدول والمجتمعات المستفيدة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها، حافظ الأردن نسبيا على استقرار في بعض مصادر التمويل الذي يستهدف بعض القطاعات لاعتبارات عديدة، ما شكل استمرارية للوفرة التي شهدتها سنوات النصف الأول من هذا العقد، والتي شهدت اكبر حجم من التدفق في المساعدات التي تلقتها قطاعات التنمية.

وفي الوقت الذي تطالب فيه أطراف في الدولة والمجتمع برقابة التمويل الذي تحصل عليه مؤسسات المجتمع المدني وسنت تشريعات من اجل ذلك، فإن جانبا ما من المنح الدولية الكبيرة الحجم بمنظور الاقتصاد الأردني تأتي باسم القطاع العام، ولا تخضع لأي شكل من أشكال الرقابة.

هناك عشرات المنح التي تقدم سنويا للأردن للقطاعات التنموية الحيوية في مجالات مثل التعليم، السياحة، الاستثمار، الصناعة، التنمية الاجتماعية، الرعاية الصحية، الثقافة والآثار، تنمية الموارد البشرية، المياه والبيئة، الطاقة وغيرها من مجالات تكاد تشكل قطاع ظل موازيا للقطاع العام، معظم هذه المنح التي تصل إلى مئات الملايين سنويا لا تدخل في حسابات الميزانية العامة للدولة، اي لا تذهب إلى الخزينة العامة، بل تنفذ من خلال الممولين عن طريق عطاءات تنفذها شركات أجنبية، وأحيانا محلية، ودائما هناك سلسلة لا تنتهي من العقود الفرعية وعقود الباطن، وبذلك يمكن ان نصفها بمنح مستقلة ترعاها الحكومة وتنفذ بشكل مستقل.

يمكن رصد ثلاثة مصادر رئيسة لاختلالات جوهرية تجعل من هذه المنح ومن المشاريع التي يتم تنفيذها ضعيفة الأثر، وربما تلاحقها في أحيان أخرى شبهات الفساد، المصدر الأول، عدم وجود مرجعية رقابية عامة على هذه المنح في مرحلة التنفيذ لا على الطريقة التي تدار بها الأموال ولا على الطريقة التي يدار بها الأداء ، باستثناء الرقابة الداخلية التي تمارسها المؤسسات التنفيذية وهي عادة شركات تكتفي الجهات الحكومية الموازية بتلقي تقارير مزدحمة بالجداول والأشكال تعتبرها بمثابة تقارير رقابية عن بعد. المصدر الثاني غموض أجندة التمويل لهذه المنح المستقلة من المنظور التنموي وليس من المنظور السياسي، بمعنى عدم وجود أولويات واضحة للبرامج التي يعمل عليها منفذو المنح أو تنسيق أو مواءمة مع ما تعمل عليه المؤسسات الحكومية المقابلة.

المصدر الثالث، عدم وجود دراسات للأثر الذي تركته هذه المنح في عشرات المجالات خلال عشرة أعوام مضت، وتحديدا تلك التي نفذت بشكل مستقل، تعرفنا أين نجحنا وأين فشلنا، ولماذا نجحنا هنا وفشلنا هناك، ولماذا تم تكرار مشاريع فاشلة في هذا المجال أو ذاك، باستثناء تلك الدراسات التي تنفذها شركات ومقاولون محليون لحساب المؤسسات المانحة.

قد لا توجد مرجعية قانونية لتطوير أصول رقابية مفصلة على هذه الأموال من وجهة نظر البعض، في ضوء محددات وشروط المنح، ولكن هذا لا يشكل حجة لغياب إجراءات وقائية وأخرى موازية لتطوير منظومة للحاكمية والرشد والشفافية في إدارة هذه المنح التي قد تكون مصدرا حقيقيا لرفد التنمية ومساندتها، بعيدا عن ضجيج الأرقام الكبيرة عند توقيع الاتفاقيات والهروب المنظم عند السؤال عن الأثر وما تبقى على الأرض.

بقلم: باسم الطويسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق