السبت، ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٠

ارجعوا (طخوا)

لقد حمدنا الله تعالى حينما استطاع المجتمع الأردني أن يقنع نفسه ،وبجهود كبيرة من الحكومات المتعاقبة ،وذلك بسن القوانين الرادعة بخصوص أكثر عاداتنا الاجتماعية خطرا وضررا ألا وهي عادة إطلاق الرصاص الحي والتباهي في حمل السلاح في المناسبات العامة والخاصة ،وفي الأفراح على وجه الخصوص ، ولقد استبشر المواطنون خيرا بعد أن تخلصنا من هذه العادة المتخلفة التي لا تشير إلى وعي أو سلوك اجتماعي قويم بل تعمق وترسخ قيما متخلفة ليس أمامها إلا إطلاق النار للتعبير عن الفرح كما أنها تنشر العنف والفوضى الأمنية ، لا سيما وأن كثيرا ممن يطلقون الأعيرة النارية هم من فئة الشباب والمراهقين الذين يجهلون عواقب هذه الممارسة السلبية عليهم وعلى المجتمع بأسره .

إننا كنا نشاهد المصائب والفواجع، وتحويل الأفراح إلى أتراح ،إضافة إلى محاولات أصحاب الأفراح الحصول على الذخيرة بكافة أصنافها وبشتى الوسائل سواء من أسواق السلاح أو من المهربين أو من خلال السطو على ذخيرة القوات المسلحة ،المهم هو الحصول عليها ، ولو كلف العريس أن يقضي شهر عسله في الجويدة أو قفقفا أو سواقة .

ولما كان من غير الممكن أن تقام أفراحنا دون ممارسة علنية لها ( طنة ورنة وشنة ) للتعبير عن مظاهر الفرح الذي بجب أن يطير في الآفاق و بعلم به القاصي والداني، بل يجب أن يوقظ النائم ، وأن يسهر المريض، وأن يرتعش الرضيع خوفا ،وهو في حضن أمه لذلك ارتضينا لأفراحنا أن يتم التعبير عنها بالألعاب النارية بدلا من الرصاص ، وكم كانت هذه الوسيلة مثمرة و نقلة مجتمعية جميلة ارتاح لها كل أفراد المجتمع الأردني ، غير أن (الحلو ) لا يكمل أبدا ، فبدأنا نبتكر طرقا ووسائل لإعطاء هذا البديل النبيل، والمتوافق عليه اجتماعيا ،ما ينغص علينا فرحتنا به واستبشارنا به كبديل جيد عن الرصاص، فبدأنا نفكر في جعله أكثر خطورة من عدوه السابق في بعض الأحيان، وصار الواحد منا لا يقبل لهذه الألعاب أن تبقى على ما هي عليه من الأمان من هنا بدأت فكرة تطوير هذه الألعاب التي تتطلب زيادة في أسعارها أيضا ،إلى أن تدخل فيها موضوع ال( بزنس ) والتجارة والترويج لها وصدق فينا قول الشاعر : كلما أنبت الزمان قناة ركب المرء للقناة سنانا وهنا يجب على المؤسسات الأمنية ،والوزارات المعنية، أن تتابع دخول هذه الألعاب إلى المملكة بعد أن بدأنا نسمع في الأيام السابقة عن حوادث جسيمة نتيجة استخدامها ،مثل وفاة طفل في معان بعد إصابته بشظايا نارية في افتتاح مقر انتخابي ، ووقوع مجموعة حوادث هنا وهناك .

لذا ،من الواجب على الحكومة والجهات المعنية بهذا الخصوص ،وعلينا جميعا أن نحرص على حماية أطفالنا ومجتمعنا من انتشار هذه الألعاب الخطرة والمكلفة ماديا أيضا . وإلا فارجعوا طخوا ،لأننا أصبحنا مثل الذي هرب من ( الدلف في بيته المتصدع ليقف تحت (المزراب) .

بقلم: د.طارق عبد القادر المجالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق