السبت، ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٠

وصفي التل, شهيد يذبح من جديد بقلم:جمال الدويري

في تقديري وراء جرائم يحاسب عليها القانون حصلت بين ظهرانينا في الآونة الأخيرة. وجريمة أخرى هو التستر أو الصمت أو عدم الجدية بملاحقة هؤلاء الرعاع الخارجين على القانون, وهذه الطغمة التي تخطت كل مشرع ومعقول. حد السيف الدقيق الفاصل بين الجهالة والنزوة الشخصية والفردية ربما, وبين سبق الإصرار والترصد وتبييت النية وسوئها, هو الذي يحدد العقاب والحكم, نوعه وكمه في كل جرائم الارض, منذ هابيل وقابيل وحتى حرق غابة الشهيد وصفي التل مرورا بالعدوان السافر على اسمه ولقب شهادته الرباني الذي ما زال يسميه البعض تجاوزا وإمعانا في الوقاحة والعدوان بشارع الجاردنز, وليس آخرا, تحطيم زجاج نافذة ضريحة الطاهر في الكمالية. يا محاسن الصدف!

وطنيون يستذكرون مؤخرا بكلمات طيبة وبزيارات محدودة شهيدهم وشهيد الوطن, البطل وصفي التل, ويفتقدون البدر عندما يدلهم الخطب ويحلولك الليل, ويحاولون استدراك التقصير الرسمي والشعبي بحق علم من أعلام الوطن السامقة, وبحق سفر مجيد ناصع منير من تاريخنا الوطني الحديث, لم يسطر بعد مثله, وعز نظيره قبله. يقابله وبكل صلف وحقد أسود, وبكل صراحة ووضوح وجلاء, عدوانية وأركان جريمة نكراء, تحاول تأكيد العدوان والتمادي به الى أبعاد تطال الى جانب تاريخ الشهيد ورمزيته وحقه في أرضه, وجدان الأمة ومشاعرها, وتصيب معاني عزتها وكرامتها, وتهاجم بشراسة الواويات الجائعة , هذا الركن المقدس القائم في قلوبنا للشهيد, قبل أن يهاجم ضريح الشهيد واسم الشهيد وغابة الشهيد.

شباك الضريح هو من الإرتفاع لدرجة يصعب معها أن ينال الطيش والصدفة من زجاجة, فكيف تكسر؟ الشاخصة التي تحمل اسم الشهيد على رأس شارعه في عاصمتنا الحبيبة, ليست الشاخصة الوحيدة في الأرض, ولا هي الحيز المناسب المنطقي للدعاية الإنتخابية, ناهيك عن كونها محمية بالقانون من عبث المرشحين وغباء مساعديهم, فلماذا حجبت قبل أيام بصورة أحد المرشحين ؟ وغابة الشهيد في سلحوب, التهمتها الأسبوع المنصرم السنة الحقد والبغيضة, ونيران العدوان والتطرف اللئيمة, وفي عدة مواقع منها. كيف تم هذا ومن فاعله؟ كل هذا محض صدفة؟ هذا التوقيت محض صدفة؟ هذا التكرار والإصرار هو أيضا محض صدفة؟ وكل هذا عادي وطبيعي ومقبول؟

أما ذكر هذا والتنديد به ومحاولة الدعوة للكشف الموضوعي عن مرتكبي هذه الجرائم القذرة, فهو تعد على الوحدة الوطنية ومحاولة للنيل من نسيجنا الاجتماعي الرصين, ودعوة ممجوجة للفرقة والتشردم؟ نعم سوف يركز المتنطعون والمتصيدون بالماء العكر, مثل نفسياتهم ودواخلهم المريضة, في ردودهم وردود أفعالهم, على جزئية يتيمة بسيطة يريدون هم فهما من مقالتي, ويستنبطونها بخبث من كلمات شكواي المريرة هذه. الى هؤلاء أقول : "الشمس لا تغطى بالغربال" و " البدر لا يحجبه سحاب تذروه الريح" و "كل ليل يشق ديجوره فجر" و "الشهيد وصفي التل حي عند ربه يرزق" وحي في قلوبنا وفي وجداننا وفي ذاكرة الأجيال السابقة واللاحقة لنا.

إنه جذور السنديان في عزيمة الأردنيين, وإنه شموخ وعزة وصمود النخيل في ثبات النشامى وصلابتهم, وإنه سيف الحق البتار في اقدام فرسان وطنه وشجاعة أهله وعشيرته الأردنية الكبيرة. إنه هيل قهوتنا وشذا هوائنا ونقائه. إنه نحن ونحن هو. احقدوا وعربدوا كما ترون مناسبا, والى الحد الذي تستطيعون, فإنكم لن تبلغوا الجبال طولا, ولن تطالوا من وصفي مسمار نعل, وسوف يحرقكم حقدكم, ويطالكم بالتأكيد, قانون مملكة الهاشميين, الذي دافع عنه.



بقلم:جمال الدويري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق