الأحد، ٣١ تشرين الأول ٢٠١٠

أعطني معلماً أعطك أمة بقلم: فيصل تايه

إن النمو السكاني الواضح والذي يؤدي بشكل مطرد إلى تزايد أعداد الطلبة .. ينعكس بشكل واضح على البيئة المدرسية والحاجة الملحة لتوفير الطاقات والإمكانات لإيجاد أفضل السبل من أجل المحافظة على التوازن الديموجرافي لتهيئة بيئة مدرسية قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة مما يؤدي حتما إلى إيجاد آليات عمل جديدة وبرامج بمقدورها معايشة الواقع الجديد لمواجهة هذا التحدي .. وهذا يدفعنا إلى القول _ كان الله في عون وزارة التربية والتعليم _ التي تسعى جاهدة لتذليل كل الصعوبات ومواجهة الكثير من العقبات .. 

وتوفير الإمكانات في سبيل الارتقاء بالعملية التعليمية في ظل هذا التزايد الواضح في أعداد الطلبة والحاجة الضرورية لتوفير الكوادر التعليمية من المعلمين والمعلمات لسد العجز خاصة في بعض التخصصات التي أصبحت نادرة وشحيحة في ثقافة سوق العمل التربوي الأردني .. ناهيك عن استنكاف الكثيرين ممن تم تعينهم بهذه المهنة .. ذلك يشكل أكبر التحديات وأهمها .
فالتنامي الواضح في أعداد الطلبة إضافة إلى انتقالهم بين مراحل التعليم المختلفة رأسيا وأفقيا حتى قمة الهرم التعليمي.. أي من التعليم الأساسي وحتى مراحل التعليم الجامعي .. يدفعنا إلى مراجعة واقعية واضحة لبحث الحاجة الملحة إلى وضع معايير تربوية قياسية لاختيار الجودة الأفضل .. تأهيلا وتدريبا ومهارة واستعدادا من بين المعلمين المتقدمين للالتحاق بمهنة التعليم .. سواء المتخصصين تربويا أو غير التربويين..

لذلك ينبغي أن ندرك تماما أن حاجتنا حتمية ملحة يفرضها واقع التعليم إلى تدريب المعلمين والمعلمات عند تعينهم ومنحهم الوقت الكافي في ذلك قبل ممارستهم المهنة بهدف تهيئتهم وتنمية مهاراتهم وتزويدهم بما يعزز كفاءتهم المهنية والعلمية ويتناسب مع المعايير القياسية للجودة النوعيّة للمعلم مهما كان حجم الطلب على المعلمين والمعلمات قليلا أم كثيرا .. بغية تحسين جودة مخرجات النظام التعليمي.. وفق اقتصاد قائم على المعرفة ..حيث نسعى جاهدين ليكون الأنموذج الأمثل والأفضل في المنطقة .

إن ما تفضل به معالي الدكتور خالد الكركي وزير التربية والتعليم قبل أيام بهذا الخصوص لهو جدير بالاهتمام .. يستدعي آليات عمل مدروسة ومعايير تربوية قانونية صحيحة وصريحة .. ليظهر الدور الكبير الملقى على عاتق قسم التدريب والتأهيل والإشراف التربوي في وزارتنا العتيدة .. للعمل على تذليل كل الصعوبات وتوفير جميع الإمكانات في سبيل تهيئة معلم منتج في جعبته المقدرة على التفاعل مع جوانب العمل التربوي أكاديمياً و مهنيا .. إضافة إلى المقدرة على التفاعل إيجاباً مع مختلف أركان المجتمع الطلابي المدرسي بكل همة ومسؤولية ..

ولعل الدعوات المتكررة التي وجهتها جلالة الملكة رانيا العبد الله الداعية إلى ضرورة تأهيل المعلم وصقل شخصيته بما يتطلبه النظام التعليمي الجديد أكاديميا ومهنيا أدى إلى بروز الدور المحوري والواضح لوزارة التربية والتعليم في ضرورة إيجاد برامج التأهيل التربوية التي تضمن الأعداد الجيد للمعلم .. لذلك عمدت إلى إقامة شراكات حقيقية مع مختلف القطاعات التربوية وعلى رأسها أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين من أجل الارتقاء بالمستوى المهني لهذه المهنة بما ينسجم والتربية الحديثة في عالم متطور دائم التغير والتجدد .

من هنا وجب علينا بحث آليات متطورة في اختيار المعلمين وانتقائهم .. فعند حاجتنا
المتزايدة إلى كوادر تدريسية وبأعداد كبيرة تخفض بعض الشروط التي وجب تحققها في تلك الكوادر لسد الحاجة الملحة إليه اضطرارا .. حتى يتوفر الشيء المطلوب.. وقد مرت وزارة التربية والتعليم بحهود مضنية لتوفير الكوادر التعليمية خاصة في بعض التخصصات التعليمية التي تجد شحا في خريجيها وكما سبق وأشرت.

ان اختبار الكفاءات ينبغي أن يكون متطورا بكل المقاييس بحيث يضمن اصطفاء أفضل العناصر التي يمكن أن تلعب دورا فاعلا في تحسين وتطوير العملية التربوية.. فلقد استوقفني عند اطلاعي على آليات انتقاء المعلمين في بعض دول العالم .. تجربة جامعة بيركلي في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية .. من حيث أن البرنامج الذي تطبقه في انتقاء العاملين في القطاع التربوي لا بتم إلا وفق معايير محددة بناء على مجموعة من الاختبارات للمتقدمين لوظائف التعليم أهمها فيما يتعلق بالمعايير التربوية الضرورية والمقاييس المرجوة التي وضعتها الدولة كثوابت هامة في سبيل النهوض بالعملية التعليمية التعلمية .. كجزء ضروري ومهم من ثقافة المعلم المرشح للتوظيف . إضافة إلى المعايير التربوية الخاصة لكل منطقة جغرافية والتي تتمحور حول تحقيق أفضل الشروط الفنية بما يحقق الأهداف المأمولة .
إضافة إلى ذلك .. فان المعلم المتقدم عليه أن يقابل لجان لدراسة شخصيته وفق أسس تربوية ونفسية .. وإذا اجتاز كل ذلك بنجاح يتم تعيينه.. متخذين بذلك شعارا يقول : ) أعطني معلما أعطك أمّة ).

وأخيرا أود أن أقول أننا نفتقر إلى كليات جامعية خاصة بالمعلمين .. تعمل على تخريج كوادر مؤهلة لكافة التخصصات التربوية على غرار كليات المعلمين الخاصة والمنتشرة في شتى دول العالم مثل كلية المعلمين _ جامعة كولومبيا _ وغيرها .. ماهيتها تخريج المعلمين المؤهلين تأهيلاً تربويا ومهنياً لترفد الوزارة بحاجاتها من تلك التخصصات .. فمتى سيتم استحداث هذه الكليات في جامعاتنا الأردنية المنتشرة في أرجاء الوطن ؟

وحيث أن وزارة التربية والتعليم في الأردن تبذل قصارى جهدها في تطوير المناهج والمقررات فما دورها في تهيئة جميع الظروف وتوفير الإمكانات من أجل تشجيع الاستثمار في المعلم الذي هو أهم ما نملك؟ فلقد آن الأوان أن نعترف بأن المعلم الكفؤ هو الذي يفعّل تلك المناهج وهو الذي بيده تحقيق أهدافها .. وهو الذي يجعلها قادرة على إفادة الوطن من خلال الأجيال التي تتلقى على يديه العلم والخلق الكريم والسلوك الحسن.. وهذا المعلم يجب أن يتم انتقاؤه حسب معايير قياسية محددة ووفق أهداف إستراتيجية واضحة.. فهو اخطر عنصر بشري في إطار القوى البشرية العاملة في أي مجتمع من كان.

وفقنا الله لما يحبه ويرضاه .. ووفق وزارتنا العتيدة في اختيار الكفاءات المتميزة .. ورعى الله الأردن وقيادة الفذة وحماهم من كل مكروه ..

بقلم: فيصل تايه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق