تظهر كافة الدراسات التي أجريت حول الشباب والعمل الحزبي نفور هذا القطاع المهم من الانتماء للأحزاب بشكل عام وأحزاب المعارضة بشكل خاص، وتحصر هذه الدراسات أسباب هذا النفور في نقطتين أساسيتين هما: الخشية من العواقب الأمنية للانتماء للأحزاب، والخوف على المستقبل الوظيفي لهم، وعلى الرغم من كافة المحاولات الحكومية، أو بالأحرى ما تظهره الحكومة من محاولات، إلاّ أن هذه الحقيقة بقيت راسخة رسوخ قانون الصوت الواحد في المشهد السياسي الأردني. فما هي الأسباب لاستمرار هذا الجفاء بين الشباب والأحزاب؟! ومن يتحمل مسؤوليته؟! وكيف السبيل لخلق حالة من الود والمحبة بينهما؟!
أعتقد أن الحكومات المتعاقبة التي أقامت "برلمان الشباب " و"هيئة شباب كلنا الأردن" و "الاستراتيجية الوطنية للشباب" و "سمعنا صوتك" وعشرات الندوات وورشات العمل التي تحث الشباب على المشاركة والعمل الحزبي،لم تحقق أي نجاح يذكر في هذا المجال، وكي لا ندخل في التعميمات المطلقة والاستنتاجات "الاعتباطية"، أقدم مجموعة من الأرقام والحقائق لدراسات رسمية حول الشباب:
1 - أظهرت دراسة أجراها مركز الحياة أن اختيار الشباب للمرشح على أساس حزبي الأقل نسبة في أسس الاختيار حيث بلغت 3,4 % فيما كانت هذه النسبة عند حدود الـ 3 % ، أي أننا بعد خمس سنوات على إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب لم تستطع كافة الوسائل التي اتبعتها الحكومة في ثني الشباب عن "النفور" من العمل الحزبي.
2 - خلصت دراسة أجراها المجلس الأعلى للشباب إلى أن الشباب لديهم قناعة واعتقاد بأنهم يستطيعون المشاركة في كل شيء ما عدا الانتماء للأحزاب بسبب الخوف من الملاحقات الأمنية ومعارضة الأهل، فيما أظهرت نفس الدراسة أن الأهل يرفضون رفضاً تاماً الانتماء الحزبي لأبنائهم خوفاً عليهم من ضياع مستقبلهم المهني ومن الملاحقات الأمنية.
3 - بينت دراسة ميدانية تناولت الحديث عن معوقات مشاركة الشباب الجامعي في الأحزاب السياسية نشرتها المجلة الأردنية للعلوم الاجتماعية التي تصدرها الجامعة الأردنية، أن الشباب الجامعي يحجم عن المشاركة في الأحزاب السياسية لأسباب متعددة كان أهمها الخوف من تعرض مستقبلهم للخطر وبنسبة 73.2 % من أفراد العينة المكونة من 1355 طالبا وطالبة من ثلاث جامعات هي "الأردنية، اليرموك، مؤتة". بمعنى أن ثلاثة أرباع الطلبة يخشون الانتماء أو حتى المشاركة في الأحزاب السياسية خوفاً على مستقبلهم المهني.
هذه الأرقام والحقائق لم تصدر عن حزب الوحدة الشعبية اليساري أو جبهة العمل الإسلامي المعارضين والمقاطعين لانتخابات الصوت الواحد، كما لم تصدرعن منظمة حقوقية دولية تعنى بالإساءة للأردن، كل هذه الأرقام أتت من مصادر حكومية ورسمية، وهي تؤكد ما ذهبنا إليه من استنتاج حول حجم الفشل الذي تعانيه السياسات الحكومية تجاه الشباب وبخاصة فيما يتعلق بالعمل الحزبي.
جوهر القضية أن الحكومة تقوم بمعالجة قشور المشكلة فيما تبقي على جوهرها، فما جدوى صرف مئات الآلاف من الدنانير على حملة "سمعنا صوتك" أو "أنا شاب ... أنا سأشارك"، فيما أنظمة كافة الجامعات الأردنية ماتزال تمنع العمل السياسي داخل الجامعة، وما الفائدة المرجوة من ندوات ولقاءات مع الطلبة تحثهم على العمل الحزبي وبمجرد خروجهم من القاعة يتم منعهم من توزيع ملصق أو نشرة طلابية، وما الحكمة من عقد وزارة التنمية السياسية ورشات عمل للشباب حول أهمية العمل الحزبي فيما الحاكم الإداري يمنع إقامة أنشطة لشبيبة الأحزاب؟!!
في الوقت الذي تطالَب فيه الأحزاب بوضع برامج أكثر اقتراباً من الشباب وتلمس همومهم ومشاكلهم، فإن على الحكومة أن تضع التشريعات والبرامج وآليات العمل التي تحفز الشباب والطلبة على المشاركة، أما البقاء في خانة الشعارات واللقاءات وورشات العمل فسيضع علامة استفهام كبيرة حول مدى جدية الحكومة في أطروحاتها.
*منسق حملة ذبحتونا
فاخر دعاس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق