الجمعة، ٥ تشرين الثاني ٢٠١٠

عمان..وحدكِ صادقة بقلم: د. مها فاخوري

عمان... الصبية الغضة التي رافقتني ذات غرام, وكبرت حبا اول على ابواب المدرسة..... شاغبتها رسما على دفتر وراسلتها ورقا معطر وكتمتها سرا من لذة الوجود, بين اليأس والأمل.

هي من اغدقت الظلام يوم اقبلت فجرا عاشقة التحف ليلها عباءة.... ماضية لشرفتها واطلقت النور بعيني شمسا عندما فتن الكون بعتم الطوائف والملل, سحر الشرق هي.... استوطنت دمي واحتلت القلب مني, طيب رائحة امي ونبض ابي.. من قلب التوراة حيث ينبع "أردن" تعمد في احشائه انجيل ويكلل رأسه بيرموك الرسالة على ضفته تفرع رافد فيلادلفيا الذي بعث الروح في عمون.....

احار كثيرا واسأل نفسي: هل لكل مدن الشرق هذا الطعم المشبع بالفرح والمرارة معا؟؟؟ كيف لها معشوقتي الثكلى ان تجمع كل تناقضات العالم!!! عمان الفقر الجاحد والصبية المندفعون على الوان الاحمر والبرتقالي مع كل اشارة ضوء, في موج زحام الحديد..... عمان النابشون في حاويات الجوع قبل بزوغ فجر مجهول النسب..... عمان الشرقيه بضيق حال اهلها وطيبتهم... ولهاثهم وراء ما يعتلي جرائدهم الممدودة سفرة تتحلقها اصابع وكفوف تتضور كسيرة, في كسر بيت يحاول جزافا الحفاظ على الجيرة وكرم الجود والنخوة المذبوحة فرسا على عتبات القادمين من الغرب.. صفات لا تقرأها في كراسات هارفارد ولا تجدها بجشع الأنا المتوحشة بنظام التخاصية ومن بعدي الطوفان.

عمان الثراء الفاحش.... القصور المهجوره... والسيارات المسرعه التي لا نعلم نحن ولا سائقيها الى اين..... واي حياة سوف تسرق, كل هذه التناقضات هي عمان.... احاول ان اتركها.... اهرب لغربة تخنقني..... لأجدها في غربتي تسكنني, أحاول أن أفهم!!!! ما الذي يربطني بهذه القطعة المجنونه؟؟ أهي قهوة الصباح مع أمي..... أم جلسات المساء على الشرفه مع الأهل والأصداقاء.... أهي ذكريات طفولة حالمه بغد جميل في ذراها....... أم ذكريات سنين العمل المضني واحباطات جيل بأكمله!!!!!..

كل ما أعرفه أنني بعمان فقط أشعر بدفء العالم يلفني. عمان هي المدينه الوحيده التي أينما سرت أجد وجها الفته في زمن ما... فيها فقط اعرف الشوارع والارصفه واحدا واحدا.... اعرف اصحاب الوجوه الحزينه وذوي الوجوه الفرحه. معشوقتي وإن بدت تجاعيد الحضارة تملأ صفحة وجهك الطاهر...... ستبقين حبي الاول..... وان قرروا تزويجك لعابر سبيل ما سكنت قلبه يوما. عمان احبك كما كنتِ بدون مساحيق ولا بوابات شاهقه عودي كما كنا صادقةُ والكل كذاب

بقلم: د. مها فاخوري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق