الخميس، ٤ تشرين الثاني ٢٠١٠

المصفاة واستراتيجية الطاقة بقلم: د. خالد واصف الوزني


أقصى ما تحتاجه البلاد اليوم التخطيط لاستراتيجية مستقبلية واضحة وشفافة لقطاع الطاقة مع التركيز بشكل أساسي على موضوع الطاقة البديلة.

بيد أن اهتمامي اليوم فيما تناولته تلك الاستراتيجية، حول التوجه لعدم منح أي حصرية لشركة مصفاة البترول الأردنية بدعوى تحرير السوق للمنافسة.

وللوهلة الأولى يعتقد البعض أننا بصدد تصويب الأوضاع وإزالة التشوهات التي خلقتها الحصرية واتفاقية الامتياز اللتين تمتعت بهما المصفاة منذ عام 1958، إلا أن التوقف عند هذا الموضوع والتفكر به يضعنا أمام حقائق مختلفة تماما عن ذلك.

فمن ناحية شركة مصفاة البترول هي شركة أردنية مساهمة عامة خضعت في تسعيرها لمنتجاتها لاتفاق الامتياز الذي حدد آلية التسعير وكيفيته بما في ذلك نسبة المصاريف العامة للشركة وهامش الربح المسموح به، بالاتفاق التام مع الحكومة وتحت إشرافها. ومن ناحية ثانية، تضم المصفاة اليوم ما يزيد على ثلاثة آلاف عامل، أي أن ثلاثة آلاف أسرة أردنية تقتات على العمل في هذه الشركة، إضافة إلى ذلك يساهم في رأس مال المصفاة العديد من الأردنيين، ناهيك عن أن الضمان الاجتماعي هو المالك الرئيس لأسهمها، نحو 20 %، ما يعني أن كل عامل أردني يكاد يكون مساهما في المصفاة. وأخيرا وليس آخرا، في المصفاة كفاءات أردنية اكتسبت على مر الزمن خبرات فنية قل مثيلها في العديد من الدول حتى النفطية منها.

ما أريد الوصول إليه هنا هو أن عدم إعطاء الحصرية للمصفاة وتقطيعها إلى أربع شركات هو الاسم الحركي لأحد بديلين، الأول هو السعي لتصفية هذا المرفأ الأردني المهم، وهو ما أستبعده، والثاني هو الإيحاء بأنه تم سحب مصدر قوة المصفاة وبالتالي السماح ببيعها بثمن بخس، والحقيقة أن الحصرية ليست أكثر من عنصر أمان للتأكد من إمكانية استرداد المبالغ المطلوبة لتطوير المصفاة.

فحصرية المصفاة عمليا قضية طبيعية محسومة في الأجل القصير والمتوسط والبعيد نظرا لعدم إمكانية إنشاء مصفاة بديلة بأي شكل من الأشكال بسبب عاملي الوقت والمال، وبالتالي من سيظفر بها سيحصل على الحصرية بشكل طبيعي وستكون حاجته فقط للحماية خوفا من إغراق البعض للسوق بمشتقات مستوردة جاهزة يبيعونها بأسعار رخيصة في السوق، وهو ما لن يحدث لأسباب فنية ومالية تتعلق بالتخزين والتمويل والتأمين وإيجاد أماكن آمنة للتخزين.

منح الحصرية للمصفاة أمر لا مناص منه، حتى نتمكن من بيعها بقيمتها الحقيقية وعلينا أن نعي ذلك قبل أن تباع المصفاة بأرخص الأسعار بكل ما فيها من أصول وثروات طبيعية ونقدية وبشرية بدعوى افتقادها لمصدر قوتها، أي الحصرية، فيخسر المواطن والخزينة ويكسب غيرنا.

إبقاء الحصرية سيجبر المساهم المحتمل لمشروع تطوير المصفاة على دفع السعر الحقيقي لها على الأقل ما سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وعلى المساهمين والعاملين في المصفاة، وبغير ذلك نكون كمن أطلق النار على قدمه وتنازل عن منجم ثروة بثمن بخس زهيد.

بقلم: د. خالد واصف الوزني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق