السبت، ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٠

الحملات الانتخابية .. الملل يصيب الناخبين والمرشحين

شهر كامل والناس يطالعون الوجوه نفسها والشعارات لا تتغير ..

هل تحتاج الدعاية الانتخابية شهرا كاملاً? ونحن ندخل الاسبوع الاخير, اعتقد ان الجمهور العريض من الناس صار يشعر بالملل. فعلى مدار الاسابيع الثلاثة الماضية لم نر غير الصور واليافطات نفسها لا تتغير, "البوزات" والشعارات, والمواطن مجبر على مطالعتها صباح مساء, يشاهد الصور مرصوصة على جانبي الطريق ومن فوقها اليافطات كل يوم, يتأمل الوجوه المصنوعة من "الفوتوشوب" والشعارات البلهاء على القماش.

في البلدان الديمقراطية العريقة والناشئة ايضا تنخرط قطاعات عريضة من الشعب في حملات انتخابية حيوية ونشطة تنظمها الاحزاب المتنافسة ويشارك فيها آلاف الناخبين, وينتقل المرشحون من مدينة الى اخرى, هناك تشعر ان الانتخابات عرس ديمقراطي, بينما تقاليد الانتخابات في بلداننا اقرب الى المآتم صواوين ومناسف, قهوة سادة وزيارات ليلية واصوات تشترى وتباع واموات يقترعون.

حتى الاحزاب التي تخوض الانتخابات بخمس قوائم لم تَقُمْ قائمة منها على تنظيم مهرجان انتخابي باسم الحزب, لا بل ان نصفها يتكتم على ما يسميه قائمة مرشحيه السريين. تخيلوا لو ان حزبا في المانيا او بريطانيا خاض الانتخابات بقائمة سرية, حتما سيسقط في الانتخابات وربما يخضع للمساءلة القانونية.

شهر للدعاية الانتخابية فترة طويلة على انتخاباتنا, الامر لا يحتاج لاكثر من اسبوعين يحفظ خلالها الناخبون وجوه المرشحين وشعاراتهم, خاصة وان غالبية الراغبين في المشاركة لا بد وانهم حسموا امرهم واختاروا مرشحهم قبل ان تبدأ الحملات الانتخابية, ولماذا ينتظرون اصلاً? برامج الاحزاب والقوائم? ام مواقف المرشحين من نظام التقاعد والضمان الاجتماعي والسياسة الاقتصادية?

لا شيء من هذا او ذاك مطروح في الانتخابات, الولاءات التقليدية هي التي تحدد موقف الغالبية العظمى من الناخبين. قانون الانتخاب ونظام الدوائر الوهمية لم يعطيا خيارات بديلة, فقد صمما ليتناسبا مع الوضع القائم لا تغييره كما تقتضي عملية الاصلاح السياسي.

الملل لم يصب الناخبين فقط, فالمرشحون ايضا يشعرون بالضجر والحرج ويستعجلون يوم الاقتراع, لا يوجد الكثير في جعبتهم يقولوه للناخبين, فمن لديه القدرة على تقديم الخدمات قدم كل ما عنده, ومن يعتمد على شراء الاصوات فرغت جيوبه, ويريد نهاية سريعة لمسلسل الدفع المرهق, اما مرشحو الوعود فقد اكثروا منها ويخشون ان لا يصدقهم الناخبون اذا ما استمروا في صرفها.

الحكومة ليست لها مصلحة في حملة انتخابية طويلة, فالامر لا يخلو من مفاجآت قد تعكر صفو المشاركة وخصوصا من المقاطعين الذين يستغلون الفترة المتاحة للتحريض على المقاطعة, والتنديد بسياستها وقانونها الانتخابي. ناهيك عن الضغوط المستمرة من المرشحين الطامحين بالدعم والخدمات, والحكومة اكثر المعنيين بنهاية سريعة "للعرس الانتخابي" لتجنب المشاجرات والتوترات الجماعية وما تشكله من عبء مادي ولوجستي على الاجهزة الامنية التي تجد نفسها في حالة تأهب دائم لمدة شهر كامل.

جميع الاطراف اذا متضررة من طول فترة الحملات الانتخابية, فلماذا لا نفكر في المستقبل بجعلها اسبوعين اختصاراً لشرور الديمقراطية في قانون الانتخاب الحالي فكلما طالت فترة الدعاية في ظل هذا القانون نشعر بالاخطار تهدد المجتمع اكثر فاكثر.


بقلم: فهد الخيطان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق