الجمعة، ١٥ تشرين الأول ٢٠١٠

الجامعة الأردنية

في ذكرى تأسيس الجامعة الأردنية

لم يكن إنشاء الجامعة الأردنية فى ستينيات القرن الماضي أمراً عادياً لا في توقيته، ولا خياره، ولا في نتائجه المذهلة، وهو انجاز ضخم بكل المقاييس في بلد كان وما يزال يعاني من حساسية الموقع الجغرافي وقلة الموارد وضعف الإمكانات، ولكن ذلك لم يمنع الملك حسين طيب الله ثراه من أن يجعل من إرادته ما يتحدى المستحيل،عندما ركز على ضرورة إنشاء الجامعات لتكون مصنعا للأجيال المتعلمة القادرة على التعبير عن آرائها والمستعدة لتحمل مسئولياتها في بناء الوطن، فتحوّل التعليم الجامعي في الأردن إلى ضرورة، قلّصت مستوى الأمية ورفعت مستوى الإنسان ليصل إلى الطبيب والمهندس والباحث وأستاذ الجامعة، وأصبحت الوظائف العليا في الوزارات والمصارف والشركات والمصانع وحتى رؤساء الوزارات تدار من قبل خريجي هذه الجامعة بعد أن كان أجدادهم لا يفكون الحرف، ويتيهون في الصحراء بحثا عن الحجار الطرية للنوم عليها!
ومثلما فعل الملك الباني، وبنفس الكيفية التي تتالت فيها الإنجازات، ورغم المصاعب والتحولات السياسية والاقتصادية، فإن الملك عبد الله الثاني عمل بشكل متواصل لنقل الأردن إلى اعلى المراتب، بمشروع حضاري اعتمد علي المواطن الأردني ليكون رقم المعادلة الثابت في نهضتنا المضطردة من خلال التأكيد علي مبادئ الجودة في الأداء، والمتابعة المستمرة، وتعزيز مفاهيم العدالة والشفافية والمحاسبة والمشاركة في تحمل المسؤولية، فوضع المملكة على خط جديد في التحول والانجاز المستمر، وهي مهمة من يملك الإرادة ويضع في حساباته جميع الاحتمالات، ويكفي أن الأردن أصبح غاية كل الأخوة العرب يقصدونه للتعلم وللعلاج والاستثمار والاستقرار، ليعطينا اليقين بأننا نسير في الاتجاه الصحيح، ويتطابق ذلك مع رؤى الجامعة المستقبلية للتوسع والتنويع والامتداد في كل الاتجاهات ليجعل من هذه الذكرى قيمة معنوية لنا جميعا.

ولعل الأجيال التي درست في الجامعة الأردنية وتتلمذت على أيدي أساتذتها أدركت القيمة الحقيقية للجامعة التي حملت لواء النهضة التعليمية والتنويرية في الأردن، وتمكنت من تجاوز الكثير من التحديات إلى أن وصلت إلى هذه المرتبة المتقدمة بين الجامعات الأردنية والعربية وبعض الجامعات العالمية بمنتج متميز في مختلف التخصصات العلمية والأدبية،والآن وبعد ما يقرب من خمسين عاما يحق لنا أن نتساءل، أما أن الأوان للجامعة الأردنية أن تنحى إلى الجانب البحثي وتدعمه بكافة الطاقات البشرية وتوفر له الإمكانات الضرورية كي تسهم الجامعة ومن خلال الأبحاث العلمية التطبيقية في خدمة أغراض التنمية الشاملة في كل المجالات الاقتصادية والصناعية والزراعية؟

لقد نجحت الجامعة في مهمتها التعليمية من خلال الزيادة المضطردة في أعداد الخريجين والخريجات في كل عام، وحققت الكثير من الانجازات العلمية متفوقة على كل الجامعات الأردنية، ونجحت في إدارة مواردها الذاتية، وانتقلت من اعتمادها على الدعم الخارجي إلى الاكتفاء الذاتي من خلال مواردها المتحققة من الموازي والمشاريع الاستثمارية المتعددة، ولعل الأمر الأهم أن جامعة أردنية بهذه العراقة وتلك الانجازات، لتتطلع إلى اليوم الذي تدخل فيه إلى نادي الجامعات البحثية العالمية، وفق مخطط مدروس يأخذ بعين الاعتبار إن تطوير البحث العلمي في الجامعات ما هو إلا نتاج ثقافة وحضارة، ووعي جماعي، وإحساس بالمسؤولية، وتنمية مستمرة لمهارات البحث العلمي، ونشاط متواصل في المعهد، والمختبر،وغرفة الصف، لا يتقنه إلا أفراد تشربوا ثقافة أمة مستعدة للنمو والتطور، ولا يصلحه إلا أناس آمنوا بقيمة البحث العلمي في تقدم الأمم.
حمى الله الأردن وجامعته الأردنية

بقلم: أ.د. نضال يونس

للمزيد عن الجامعة الأردنية اقرأ:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق